الحجز لدى الغير



أصدر رئيس المحكمة الإبتدائية بالرباط بصفته قاضيا للمستعجلات أمرا بتاريخ
7 نوفمبر 2007 منشور بجريدة »العلم« بتاريخ 26 دجنبر 2007 بالصفحة 7 من »المجتمع والقانون« يقضي برفع الحجز المضروب على الحساب البنكي للمدعية لضمان مبلغ مالي مع النفاذ المعجل.
وتتمثل وقائع هذه النازلة في
أنه بتاريخ 25 يوليوز 2007 تقدمت المدعية /التعاضدية المركزية المغربية للتأمين بمقال استعجالي يرمي إلى الأمر برفع الحجز المضروب على الحساب البنكي للمدعية المفتوح لدى أحد الأبناك ضمانا لأداء مبلغ مالي قدره 75257 درهم، اعتبارا لأن مسطرة الحجز لدى الغير تمت بشكل غير قانوني، خاصة أن لها ضمانات مالية من وزارة المالية لممارسة نشاطها، وأن من شأن الإبقاء على الحجز المساس بالسير العادي لنشاطها الذي يكتسي طابعا تعاضديا.
وقد أجاب المدعى عليه بأن المدعية تتقاضى بسوء نيّة
، بما أنها مدينة له بمبلغ بسيط لا يضر بشركة التأمين ومصالح المتعاملين معها.

وبعد حجز الدعوى للتأمل أصدر قاضي المستعجلات أمره الوارد أعلاه معللا هذا الأمر بأن:
1- ) طالب الحجز لم يدل بما يفيد أنه طالب المحجوز عليها بتنفيذ مقتضيات الحكم الصادر لفائدته وامتنعت عن التنفيذ.
2- ) إن اللجوء إلى الحجز تبرره خشية إعسار المدين أو فراره.
3-) ـ إن نشاط المحجوز عليها يعتمد على توفر السيولة.

وأن من شأن الحجز على أموالها بشكل مفاجئ أن يلحق ضررا بأصحاب الملفات المعروضة عليه في إطار مسطرة التنفيذ العادية.
والتساؤل المطروح هو مدى قانونية حجز أموال مؤسسة اقتصادية لدى الغير ضمانا لدين لا
يستغرق ذمتها المالية؟
والقاعدة انه طبقا لمقتضيات الفصل
488 من قانون المسطرة المدنية فإنه يمكن لكل دائن يتوفر على دين ثابت اجراء حجز بين يدي الغير بإذن القاضي على مبالغ ومستندات لمدينه والتعرض على تسليمها له.
وقد استثنى المشرع من الحجز التعويضات التي
يصرح القانون بأنها غير قابلة للحجز، والنفقات والمبالغ الممنوحة باعتبارها رد لتسبيقات أو أداء مصاريف تجهيز، نقل، تنقل والتعويضات العائلية، رأس مال الوفاة لفائدة ذوي حقوق الموظفين وبعض الاعوان الذين قضوا اثناء مباشرة مهامهم، المعاشات المدنية والعسكرية، معاشات التقاعد أو العجز الممنوحة من القطاع الخاص

ويستخلص مما سبق أنه لايمكن للدائن اللجوء إلى مسطرة الحجز لدى الغير إلا اذا توفرت بعض الشروط نذكر منها على الخصوص:
ـ وجودين ثابت.
ـ مديونية المحجوز لدى المحجوز عليه.
ـ امكانية عسر المدين او فراره

وقد قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ان الهدف من الحجز لدى الغير هو حماية الدائن من الخطر الذي ينجم عنه احتمال إعسار المدين، ومنع هذا الاخير من التصرف في أمواله بطريقة تضر بمصالح دائنيته (قرار رقم 1371 بتاريخ 1 يوليوز 1986 ملف عدد 141 ـ 86، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 49 ص 87)
ويتم الحجز لدى الغير بناء على
سند تنفيذي كحكم بالمديونية وسند رسمي قابل للتنفيذ، وعند انعدام هذا السند يتم اللجوء إلى رئيس المحكمة لاستصدار أمر بالحجز، ويتكلف عون كتابة لضبط بتبليغ هذا الحجز الى المحجوز لديه .
وفي
هذا الاطار فان رئيس المحكمة ملزم من التأكد بوجود علاقة مديونية حالة وحقيقية يستنبطها من ظروف الحال والمستندات المستدل بها من طرف طالب الحجز،
ويستدعي
الرئيس الاطراف داخل 8 أيام الموالية للتبليغ حتى اذا وقع اتفاق الاطراف على توزيع المبالغ المحجوزة لدى الغير حرر محضرا بذلك وسلمت قوائم التوزيع، أما في حالة عدم الاتفاق أو إذا تخلف أحد الأطراف أخرت القضية إلى جلسة أخرى ويترتب على عدم حضور الغير المحجوز لديه أو عدم تصريحه الحكم عليه حكما قابلا للتنفيذ
وعلى هذا الأساس قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أن أحد الشروط الأساسية لإيقاع حجز لدى الغير هو توفر دين في
ذمة المحجوز لديه اتجاه المحجوز عليه (قرار عدد 375 بتاريخ17 فبراير 1987 منشور بالمجلة المغربية للقانون عدد 14 سنة 1987 ص 238)
والحاصل أن المحجوز لديه ملزم بنفي
علاقة مديونية مع المحجوز عليه تحت طائلة الوفاء بالدين.
وقد قضت محكمة التعقيب التونسية بأن المعقول تحت
يده »المحجوز لديه« ملزم بتقديم بياناته عن العلاقة المالية بينه وبين الدائن الحقيقي، وأن عدم تقديمه تلك البيانات أو تقديمه لبيانات مخالفة للواقع يجعله قانونا مدينا بالمبلغ المجراة في شأنه العقلة»الحجز«. قرار رقم 12739 بتاريخ 31 مارس 1986 القروي منشور من طرف عبد العزيز توفيق التعليق على قانون المسطرة المدنية بقرارات المجلس الأعلى ومحاكم النقض العربية ص 294).
والتساؤل المطروح هل
يحق لرئيس المحكمة الحكم بحجز أموال مؤسسات عمومية ضمانا لدين، وما مدى هذا الحجز؟
سبق للمجلس الأعلى أن قضى بأنه في
غياب كل نص قانوني فلا مانع من الحجز على أموال عمومية وبيعها لإثبات المشروعية وفعالية السلطة القضائية التي تتمثل في تنفيذ الأحكام، (قرار عدد 2779 بتاريخ 30 نوفمبر 1991 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 67 ص 113)
ونعتقد أن هذا الاتجاه جريئا أكثر من اللازم إذ أن سلوك هذا الإتجاه على عواهنه من شأنه أن
يؤدي في يوم من الأيام إلى بيع مقر المجلس الأعلى بالمزاد العلني بسبب تباطؤ وزارة العدل في تنفيذ حكم قضائي صادر في مجال الإعتداء المادي. وهو اتجاه لايقره عاقل لذلك نرى بأن الحكمة في ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية ببوعرفة في الملف الاستعجالي رقم 96/40 الصادر في 20 فبراير 1997 منشور بمجلة الإشعاع عدد 22 ص 260 عندما قضت بأن الرأي الراجح في الفقه والقضاء أن حجز ما للمدين لدى الغير يكتسي صبغة تحفظية في بدايته تم يتحول إلى حجز تنفيذي في الختام ومن ثم يتعين التشدد بالنسبة لثبوت الدين.
ومن ثم فإن الحجز لدى الغير لايمكن أن
يتم ببساطة كلما تعلق بمؤسسة اقتصادية أو بنكية، وفي هذا الاتجاه ذهبت محكمة الاستئاف بالدار البيضاء في قرارها 1371 بتاريخ 1 يوليوز 1986 السالف الذكر عندما قضت بأنه لايوجد أي خطر محتمل يهدد الدائن عندما يكون المحجوز عليه مؤسسة بنكية إذ أن اليسر هو الذي يفترض فيها وليس العسر. لذا فإن الحجز لدى الغير والحجز التحفظي الموقعان في مواجهة بنك يكونان إجراءين تعسفيين.
وعليه
يكون أمر رئيس المحكمة بصفته قاض المستعجلات موضوع التعليق مصادفا للصواب فيما ذهب إليه. الدكتور: العربي مياد ـ أستاذ باحث

Pour plus d'info

Aucun commentaire: